الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»
.تفسير الآيات (61- 62): قوله عز وجل: {لأحتنكن ذُرِّيته إلاّ قليلاً} فيه ستة تأويلات: أحدها: معناه لأستولين عليهم بالغلبة، قاله ابن عباس. الثاني: معناه لأضلنهم بالإغواء. الثالث: لأستأصلنهم بالإغواء. الرابع: لأستميلنهم، قاله الأخفش. الخامس: لأقودنهم إلى المعاصي كما تقاد الدابة بحنكها إذا شد فيه حبل يجذبها وهو افتعال من الحنك إشارة إلى حنك الدابة. السادس: معناه لأقطعنهم إلى المعاصي، قال الشاعر: واحتنكَتْ أَمْولُنا واجتلفت.... .تفسير الآيات (63- 65): قوله عز وجل: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: واستخف، وهذا قول الكلبي والفراء. الثاني: واستجهل. الثالث: واستذل من استطعت، قاله مجاهد. {بصوتك} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه صوت الغناء واللهو، قاله مجاهد. الثاني: أنه صوت المزمار، قاله الضحاك. الثالث: بدعائك إلى معصية الله تعالى وطاعتك، قاله ابن عباس. {وأجلب عليهم بخيلك ورجَلِكِ} والجلب هو السوْق بجلبه من السائق، وفي المثل: إذا لم تغلب فأجلب. وقوله {بخيلك ورجلك} أي بكل راكب وماشٍ في معاصي الله تعالى. {وشاركهم في الأموال والأولاد} أما مشاركتهم في الأموال ففيها أربعة أوجه: أحدها: أنها الأموال التي أصابوها من غير حلها، قاله مجاهد. الثاني: أنها الأموال التي أنفقوها في معاصي الله تعالى، قاله الحسن. الثالث: ما كانوا يحرّمونه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، قاله ابن عباس. الرابع: ما كانوا يذبحون لآلهتهم، قاله الضحاك. وأما مشاركتهم في الأولاد ففيها أربعة أوجه: أحدها: أنهم أولاد الزنى، قاله مجاهد. الثاني: أنه قتل الموؤودة من أولادهم، قاله ابن عباس. الثالث: أنه صبغة أولادهم في الكفر حتى هوّدوهم ونصّروهم، قاله قتادة. الرابع: أنه تسمية أولادهم عبيد آلهتهم كعبد شمس وعبد العزَّى وعبد اللات، رواه أبو صالح عن ابن عباس. .تفسير الآية رقم (66): قوله عز وجل: {ربُّكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر} معناه يجريها ويسيرها، قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد، قال الشاعر: .تفسير الآية رقم (67): قوله عز وجل: {وإذا مَسّكم الضُّرُّ في البحر ضَلَّ من تدعون إلا إياه} فيه وجهان: أحدهما: بطل من تدعون سواه، كما قال تعالى: {أضلَّ أعمالهم} [محمد: 1] أي أبطلها. الثاني: معناه غاب من تدعون كما قال تعالى: {أئِذا ضَلَلْنا في الأرض} [السجدة: 10] أي غِبْنَا. .تفسير الآيات (68- 69): قوله عز وجل: {أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البَرِّ} يحتمل وجهين: أحدهما: يريد بعض البر وهو موضع حلولهم منه، فسماه جانبه لأنه يصير بعد الخسف جانباً. الثاني: أنهم كانوا على ساحل البحر، وساحله جانب البر، وكانوا فيه آمنين من أهوال البحر فحذرهم ما أمنوه من البر كما حذرهم ما خافوه من البحر. {أو يُرْسِلَ عليكم حاصباً} فيه وجهان: أحدهما: يعني حجارة من السماء، قاله قتادة. الثاني: إن الحاصب الريح العاصف سميت بذلك لأنها تحصب أي ترمي بالحصباء. والقاصف الريح التي تقصف الشجر، قاله الفراء وابن قتيبة. .تفسير الآية رقم (70): قوله تعالى: {ولقد كَرّمنا بني آدم} فيه سبعة أوجه: أحدها: يعني كرمناهم بإنعامنا عليهم. الثاني: كرمناهم بأن جعلنا لهم عقولاً وتمييزاً. الثالث: بأن جعلنا منهم خير أمة أخرجت للناس. الرابع: بأن يأكلوا ما يتناولونه من الطعام والشراب بأيديهم، وغيرهم يتناوله بفمه، قاله الكلبي ومقاتل. الخامس: كرمناهم بالأمر والنهي. السادس: كرمناهم بالكلام والخط. السابع: كرمناهم بأن سخّرنا جميع الخلق لهم. {ورزقناهُمْ من الطيبات} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ما أحله الله لهم. الثاني: ما استطابوا أكله وشربه. الثالث: أنه كسب العامل إذا نفع، قاله سهل بن عبد الله. {وفضلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلاً} فيه أربعة أوجه: أحدها: بالغلبة والاستيلاء. الثاني: بالثواب والجزاء. الثالث: بالحفظ والتمييز. الرابع: بإصابة الفراسة. .تفسير الآيات (71- 72): قوله عز وجل: {يوم ندعوا كل أناسٍ بإمامِهمْ} فيه خمسة تأويلات: أحدها: بنبيِّهم، قاله مجاهد. الثاني: بكتابهم الذي أنزل عليهم أوامر الله ونواهيه، قاله ابن زيد. الثالث: بدينهم، ويشبه أن يكون قول قتادة. الرابع: يكتب أعمالهم التي عملوها في الدنيا من خير وشر، قاله ابن عباس. الخامس: بمن كانوا يأتمرون به في الدنيا فيتبعونه في خير أو شر، أو على حق، أو باطل، وهو معنى قول أبو عبيدة. قوله عز وجل: {ومن كان في هذه أعمى} يحتمل أربعة أوجه: أحدها: من كان في الدنيا أعمى عن الطاعة {فهو في الآخرة أعمى} عن الثواب. الثاني: ومن كان في الدنيا أعمى عن الاعتبار {فهو في الآخرة أعمى} عن الاعتذار. الثالث: ومن كان في الدنيا أعمى عن الحق {فهو في الآخرة أعمى} عن الجنة. الرابع: ومن كان في تدبير دنياه أعمى فهو تدبير آخرته أعمى {وأضل سبيلاً}. .تفسير الآيات (73- 75): قوله تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره} فيه قولان: أحدهما: ما روى سعيد بن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الحجر في طوافه فمنعته قريش وقالوا لا ندعك تستلم حتى تلم بآلهتنا فحدث نفسه وقال: «ما عليّ أن ألمَّ بها بعد أن يعدوني أستلم الحجر واللّه يعلم أني لها كاره» فأبى الله تعالى وأنزل عليه هذه الآية، قاله مجاهد وقتادة. الثاني: ما روى ابن عباس أن ثقيفاً قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجِّلْنا سنة حتى نأخذ ما نُهدي لآلهتنا، فإذا أخذناه كسرنا آلهتنا وأسلمْنا، فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطيعهم، فأنزل الله هذه الآية. {لِتَفْتَريَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} يحتمل وجهين: أحدهما: لتدّعي علينا غير وحينا. الثاني: لتعتدي في أوامرنا. {وإذاً لاتخذوك خليلاً} فيه وجهان: أحدهما: صديقاً، مأخوذ من الخُلة بالضم وهي الصداقة لممالأته لهم. الثاني: فقيراً، مأخوذ من الخلة بالفتح وهي الفقر لحاجته إليهم. قوله عز وجل: {إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} فيه قولان: أحدهما: لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك. الثاني: لأذقناك ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة، حكاه الطبري: وفي المراد بالضِّعف ها هنا وجهان: أحدها: النصيب، ومنه قوله تعالى: {لكل ضِعفٌ} [الأعراف: 38] أي نصيب. الثاني: مثلان، وذلك لأن ذنبك أعظم. وفيه وجه ثالث: أن الضعف هو العذاب يسمى ضعف لتضاعف ألمه، قاله أبان بن تغلب وأنشد قول الشاعر: قال قتادة: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين». .تفسير الآيات (76- 77): قوله عز وجل: {وإن كادوا ليستفزونَك مِنَ الأرض ليخرجوك منها} في قوله {ليستفزّونك} وجهان: أحدهما: يقتلونك، قاله الحسن. الثاني: يزعجونك باتسخفافك، قاله ابن عيسى. قال الشاعر: وفي قوله {ليخرجوك منها} أربعة أقاويل: أحدها: أنهم اليهود أرادوا أن يخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة، فقالوا: إن أرض الأنبياء هي الشام وإن هذه ليست بأرض الأنبياء، قاله سليمان التيمي. الثاني: أنهم قريش هموا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قبل الهجرة، قاله قتادة. الثالث: أنهم أرادوا إخراجه من جزيرة العرب كلها لأنهم قد أخرجوه من مكة. الرابع: أنهم أرادوا قتله ليخرجوه من الأرض كلها، قاله الحسن. {وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً} يعني بعدك، قال خلْفك وخلافك وقد قرئا جميعاً بمعنى بعدك، ومنه قول الشاعر: وقيل خلفك بمعنى مخالفتك، ذكره ابن الأنباري. {إلا قليلاً} فيه وجهان: أحدهما: أن المدة التي لبثوها بعده ما بين إخراجهم له إلى قتلهم يوم بدر، وهذا قوله من ذكر أنهم قريش. الثاني: ما بين ذلك وقتل بني قريظة وجلاء بني النضير، وهذا قول من ذكر أنهم اليهود.
|